الخميس، 16 فبراير 2012

ياسيدي الشهيد

مهداة الى من خيروا فاختاروا .. لم ينكصوا على أعقابهم ولم يتثاقلوا .. ومضوا الى بارئهم فظفروا بإذن الله بمجد الدنيا وفوز الآخرة ونحسبهم عند الله من الشهداء .. تركوا لنا مهمة معقدة وتحديا صعبا .. فهل ننجح أم نخذلهم ونضيع دمهم هباء ؟

يا سيدي الشهيد

يا سيد الرجالْ
ياقامة أعجزت المحالْ
مكللة بالطهر والجلالْ
تقبل التحية
ممزوجةً بلوعةٍ مكتومةٍ وعبرةٍ سخيةْ
ولهفةٍ مكلومةٍ خفيةْ
منا ومن أبنائنا والجار والعيال
من جيلنا وقبلنا ومن تلى خُطاهُ من أجيال
من يومنا وغدنا وعمرنا المسال
على قوارع الدجى مفتشا عن  نجمةٍ بهية
عن  لحظةٍ هنية
يُشرقُ أفقُنا الحالكُ من أنوارها السنية
.........
تقبل التحية
يامن أتيت حين كنا ننسج الغُثَاء
ونعجن الشقاء
خبزاً لأيامٍ لنا مرورها عناء
على رقاب عمرنا الضحية
لهرطقاتِ كل مدّعٍ دجال
يلبس ثوب النسكِ في ضلال
ويزرع القضبان والأغلال
على خطى أحلامنا الحرونة العصية
.........
تقبل الدعاء والتحايا
من خافق الحنايا
لأمهاتٍ مثقلاتٍ بالأسى والحزن والرزايا
يظفرن أمنياتٍ ما لها نهاية
تلاحق السراب
تسائل الغيوب عن جواب
لعل من تشتّتوا وخلّفوا مرارة الغياب
يأتون من جديد
لعل من قد دُثروا باللحد والتراب
لأنهم لم يرتضوا أن ينحنوا لظالمٍ كذاب
يستشعرون فجرنا المطل من بعيد
فيهنأون في كراهم المديد
.........
ياسيد الكهول والشباب
ياعبَقَ الحضورِ وانتباهةَ الغياب
يانفحةً عطرتِ الهواء والتراب
ياذكرياتٍ رسمت خطوطُها الندية
ملامحاً بهية
لثورةٍ جبارةٍ عتية
هبّت كأعصارٍ على سنينِنَا اليباب
لتكنس اللصوص والخراب
يامن توكأت على التاريخ شاهراً أحلامك الأبية
وهمّةً لاتعرف الدنيّة
وعندما خُيرت ما اخترت سوى الذهاب
لأجلنا لأجل أن تظل ليبيا خصيبةً روية
وأن تظل هامنا مرفوعة سويّة
يا من وهبت روحك عطية
يا من منحت أرضنا دماءك الزكية
بكل أريحية
كي لا نعيش نحن تحت وطْأةِ الكلاب
كي لا يذوقَ بعدنا أبناؤنا أيامنا البائسة الشقية
كي يرحل الجلادُ والعذاب
..........
يا سيدي الشهيد
سطعت كالشعاع
منبثقا وميضُه من سدرة الخلود
من وهج تاريخٍ لنا صنعه الجدود
يطهر الرحال والمتاع
ويغسل الدموع والأوجاع
ويطرد الفلول والضلال والضياع
يعيد للأزِّقة العتيقة مزاجها الفريد
ويمنح الايام والاحلام وجهها الجديد
وللقلوبِ المتعباتِ نشوةَ الشموخِ وانتصار الانتماء
كي نرفع الرؤوسْ .. ونبصر الضياءْ
كي نستعيد من جديدٍ بهجة الحياةْ


                                              محمد مصطفى بن زيادة \فبراير 2012