الاثنين، 29 أكتوبر 2012

عيد التحرير

 لم يكن هناك خبر أشد وقعا وأكثر إدخالا للسرور على الليبيين من خبر القبض على الطاغية والتخلص منه   ومن   حكمه  ثم اعلان  التحرير ايذانا ببداية عهد جديد لليبيا .. كانت تلك الاحداث اسرع من قدرتنا على قراءتها وأكبر من توقعاتنا واشفى للصدور مما طلبه اكثر الليبيين تفاؤلا وكان الثوار الليبيين بكافة طوائفهم هم من يصنع كل تلك الأحداث .. في تلك الأيام المجيدة من تاريخ ليبيا وتحت وطأة الفرحة والبهجة والشعور بالفخر بهذا الوطن و أهله وثواره كتبت هذه الأبيات ولهم أهديها :

                                    عيد التحرير
الله أكبر كم في النصر من نصر              وفي المقاديــر من حكمٍ ومن عبـر
وفي ثنايــا ظروف الحادثـات إذا              أبدت نواجذها ترسم خطى القـــدر
ترفـع وتخفـض أقوامـاً وألويـــةً               وتقرع اللــوح تبيـــاناً لذي نظـــر
إذ المنايا ظهــورٌ لا يروِّضهــــا               إلا أشـــاوس ركّــابين للخطــــــر
والأمنيات شتاتٌ ليس يجمعهــــا              إلا أماجد عرّكهم رحى الدهــــــر
والمجـد مَعْلَمُ لا يُـرقى لــذروتـه               وليس يُدنى من محرابـــــه العطر
إلا عــلى مهـج الأرواح قـــانيةً               تسيل زاهيةً من شـــــدّة الفخــــر
مبذولـــةً في سخـــاءٍ لا يكــدّره               مَنّ الشحيح ولا تعطيل معتســــر
يسبق بها نســل أجـوادٍ تسابقهـم               هممٌ وأنفس لاترضى سوى الظفر
صُنّاع عزٍ وغير العز ما اقترفوا             معلَّمين بوهجٍ من سنــــا الفجــــر
لايرتضــون لحيفٍ أن يحيق بهم              ولا لموطنهم ركناً سـوى الصدر
هموا رجــالك يا ليبيا قد اشترعوا             سنن البطولة منهاجــا لذي وطر
به يُكبّـد أهـــــل البـغي مغرمــهم              ويَشْتَفي صـدر أقوامٍ ذوي وتــر
لما أقــاموا مع التاريخ موعـــدهم             والوعـد دين إذا ما كان من حـرِّ
وأرسلوا في المدى أحلامهم زمرا             تَرودُ أفقـاً تَبَدّى صــاخب النــذر
وأسرجوا الهمم العلياء مضمـرة               وأبرموا العهد بين الحق والصبرِ
وأنهضوا العزم وثّابـاً ومنتفــضاً              وأججوا الأفق بالنيران والشـرر
ترمي لظاها على الظلمات تشعلها            فيستحيل الدجـى وقّاد كالجمـــر
يلهب كواهل طاغية عتا زمنـــاً               عتّو فرعون إذ يشتط في الكبـر
جاؤوه بالحق وضّاحاً ومنبلجـــاً              ليردعوه فلم يزدد سوى بطـــر
أرغى وأزبد والأيام شـــاهدةً                  وأردف القـــول بالتنكيل والقهــر
وجمّع الجند والأوهام في عجلٍ               والمخبرين وأعلى راية السحــــر
ولجّ في الغي من أنتم سأشعلها                داراً بدارٍ فـــلا تبـــــقي ولا تـــذر
فجاوبوه ودرب الحق وجهتهم                 الله أكبر إن البـــــغي في خســــر
وقارعــوه شهورٌ نَزْفُها عبــقٌ                يرصع الأرض والتــاريخ بالدرر
وطــاردوه إلى شِعَبٍ وأوديـةٍ                 وألبسوه لبـاس الخـوف والذعـــر
وحاصــروه على أبواب ذلّتـه                 والجأوه إلى ســـرداب كالجحــر
هناك لاقت فلول البغي مِحْنتها                بعد التبجح أضحـت عبرة العبـر
وكان يوما به جَذْلى مقاصدنـا              نصوغ أحرفه جسـراً إلى النصر
عيد التحرر والتحـرير نُعْلنــه               في العالمين نهارا سامق الغــرر
فيه استعاد تراب الأرض رونقه              والليل أورق زهرا باذخ العطــر
والأمنيات غدت سبلاً ميســـرةً                والتوق أمسى بذورا للغد النضر
فشمروا للأماني المفعمات جنىً               واللابســـات بهـــاءً غير مندثــر
سواعد الجد والاصرار في شممٍ              وهمــــةً ترتقي العليـاء لا تَحِـــرِ
مستعصمين بحبلٍ لا انفصام لـه              متآزريـن أوان العسـر واليســــر
وامضوا كراما وعين الله ترعاكم             ومن رعته فلن يعرف سوى النصر
 
محمد مصطفى بن زيادة / طرابلس - 10/2011   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق