الخميس، 1 ديسمبر 2011

ملحمة شعب


على دموية الوقائع وفظاعتها كنا نستيقظ  , وبين الخوف والرجاء كنا نُمضي نهاراتنا العصيبة وليالينا المسهدة , أكف الدعاء مرفوعة وسواعد الدعم ممدودة وجروح الالم مفتوحة , في كل يوم نفقد أحبة وأقرباء تلتهمهم قضبان الظلم وبنادق الطغيان ولاندري من سنفقد غدا ومن سندفن بعد غد , حينها كانت الثورة مازالت تحبو عودها طري وطريقها مفتوحة على كافة الاحتمالات , حينها كانت مدينة بنغازي تحتضن براعم الثورة تمنحها التوهج وترسم خطوات النصر وحولها كانت مدن الشرق ملتفة تمدها بالانفس والارواح والمهج .. حينها كانت مدينة الزاوية كالجمرة المتوقدة  إن أمسكها  النظام أحرقته وأن أطلقها أنهكته وكانت مدينة مصراتة تنزف ألما ودماء وتشع مجدا وشجاعة تحمل العبء الثقيل لتبقى ليبيا واحدة موّحدة .. كانت مدينة الزنتان تحمل شعلة النضال تشعل بها أروقة الجبل وترمي شراراتها في كل مدينة لتلتهب تحت أقدام الطغاة , وكانت مدينة طرابلس عندما تهتز ترتعش أركان النظام الصدئة وكانت ليبيا كلها تئن تحت القضبان تلملم الامال والالام لتنسج درب خلاصها ....... في تلك المرحلة كتبت هذه الكلمات ولأبطال تلك المرحلة في ليبيا كلها أهديها : -

ملحمة شعب

على دروب الندى تمضي عزائمنا         جذلانة فوق نهج الحق تختال

تسمو على قمم الأمجاد شامخة            تظل تُضرب في التاريخ أمثال

تقدم القرابين في محراب عزّتها           ويكتسيها شعاع الفجر سربال

تنشر عبير فخار حيثما اتجهت             يعلو به النصر في الآفاق موّال

فواحة انت  يادنيا إذا اجتمعت             في بردتيك أهازيج وآمـــــال

وعزم شعب أبّي ليس يرهبه          بغي الطغاة ولا اسـتـئـساد تنبال

قد كابد الظلم والطغيان مصطبر ا         لعلّ للصبر بعد الحال احوال

وأنهكته صروف ليس يعبرها              الا حليمٌ قـــوي العــزم حمّال

هي  أربعون من الأعوام كالحة            فيها ترى البغي والطغيان صوّال

فيها النوائب ماانفكت تداهمنـا             قهــــر وغبن وبهتــان وإذلال

فتنبت الأرض قضبانا وأقبيـــة             تختـــال فيها مهاميز وأغـــلال

تغتال نسج الرؤى من قبل مبعثها         وتخنق النور أن يسري وينثال

هي أربعون من الآلام مثخنــة             بكل نزفٍ عميق الجرح قتّال

فكــــل دار بها فقـدٌ يؤرقهـــــا            وكل نفسٍ لها من حزنها حال

وكل حبة رملٍ في مرابعهـــــا             لهـــا حين تلمسها أنٌّ وتصهال

تكاد تنبئك أن الداء منتشــــر              وأنــه موشكٌ أن ينقض زلزال

حتى إذا مرّ من فبراير الشطر             مرور غيمٍ سريع الخطو هطّــــال

ولاح في الافق الشرقي بارقةً              وضّاءةً فوق ماوصفوا وماقالـــــوا

هبّت مدينة بنغازي على وعــدٍ             قاماتها تشعل المجد والتاريخ إشعال

فيكتوي بلظـــــاها كل طاغيـــةٍ            ويهتدي من سنا نورها أمم وأجيال

وتلبس الأرض مانسجت أناملها           وفي حماها يصوغ الفجر أبطـــال

وقام في إثرها من كل نــاحيةٍ              فرسان برقة من طبرق إلى جالـــو

يتســابقون الى أبواب عزّتهم              إن الكـــــــريم لدرب العزِّ ميّــــــال

وجاوبتهم من الزنتان عاصفة              زلزالهـا يرتقي للشـمس أرتــال

ينهال فوق عروش البغي يدحرها         ياويح باغٍ إذا هبّــوا أو انهالـوا

لهم قلوب يخاف البغي سطوتها            ويسطع الحق إن نطقوا وإن قالوا

وفي ذرى الزاوية لاحت بشائره           نصر يطل وموج الموت غــوّال

هم أجّجــوه بأرواحٍ وأفئــــدةٍ              وعانقــــوه وللآجـــال إقبــــال

رجال صدقٍ إذا ماعاهدوا صدقوا                   ومن لك بصدوق العهــد فعّال

وحين يشتد موج البأس ملتطما            فإن فيهـــا لنا درعٌ وسربــــال

مصراتة المجد ماتنفك تبهرنا              على جفون الردى تمشي وتختال

تنقش على جبهة التاريخ ملحمة          يكتظ فيها بطولات وأهــــــــــوال

الراسمون الخطى والنصر يتبعهم         هم الشوامخ ما وهنوا ولامالــوا

جدعوا أنوف طغاة قد حسبناهم           لايجدعون وحال الظلم ختّـــــال

وفي طرابلس حيث الموت أغنية           في كل ناصية تسطوا وتغتــال

لما تململ منها الصدر وانتفضت           فإذا النظام أكاذيب وأسمـــــال

هي العروسة مهما البغي كبّلها            فيها اللقاء وإن طالت بنا الحال

من هاهنا يرتدي التاريخ رونقه            من هاهنا تسطر الأمجاد أجيال

من هاهنا تلبس الدنيا نضارتها             ويكتسي الارض إكبار وإجلال

لثائرين إذا هبّـــوا رأيتهمـــوا             في كــل أفقٍ لهم عرسٌ وموّال

يسعون شوقا لحمراءٍ مضرجة            والشوق أغلب مهما قال عذّال

فالآن حان قطافٌ طالما انتظرت            بزوغ نجمــه أحــلامٌ وآمـــال

فلا تولوا فإن النصـر مرتهـن              بصبر ســاعة لايجلبه معجــال

ونحن قوم لنا في شيخنا مثـل              نصرٌ أو الموت دون الحق منوال



            محمد بن زيادة \ طرابلس \ ابريل -2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق