الجمعة، 7 ديسمبر 2012

أجراس البعاد


على ما أذكر أن قرار تعديل المرتبات لقطاع النفط كان سنة الفين وسبعة ميلادي, وحيث أن هذا القرار عدل المرتبات بشكل جعل من الفارق (متمثلا في العلاوة الحقلية) بين مرتبات العاملين بالمناطق البعيدة والعاملين بالمدن التابعين للقطاع ذي تأثير محدودا جدا وغير مغري بالبقاء بعيدا عن الاهل والعائلة فقد أدى ذلك الى حركة نزوح كبيرة  للعمالة المطلوبة بسوق العمل من ذوي الخبرة والكفاءة (أو لمن لديه واسطة) تجاه المدن الرئيسية المتاح بها فرص عمل . كنت حينها أعمل في شركة راس لانوف لتصنيع النفط والغازحيث تربينا وترعرعنا فكريا ومهنيا ووظيفيا وكنت آنذاك قد تجاوزت العشرين عاما من العمل بالشركة , أعوام تشكلت فيها حياتنا وشخصياتنا وصنعنا فيها عالمنا هناك بما فيه من نجاحات وخيبات واهتمامات وهوايات وعلاقات ونظرا لبعدنا عن عائلاتنا فإن أحد الركائز الاساسية لعالمنا هذا وأحد العوامل المساعدة للاستمرار والمواصلة هو عالم الأصدقاء وفي راس لانوف بصورة خاصة لن تجد بيئة أفضل لتكوين الصداقات فهناك خليط ومزيج رائع من كل مناطق وثقافات ليبيا وبامكانك أن تجد ما تبحث عنه من شخصيات ونخب ومشارب وأهواء وتشكل عالمك وصداقاتك كما تريد وتهوى تجد بهم وفيهم الرفيق والأنيس لمواصلة الدرب والعوض والسلوى لمشاق النأي والبعد.. وبالتالي فقد كان لي عالمي المتنوع من الاصدقاء والخلان ولكن بصدور القرار المذكور بدأ الاصدقاء والزملاء الواحد تلو الآخر في حمل عصا الترحال وكنا تقريبا نودع صديقا أو زميلا كل اسبوع أوأسبوعين وكان صديقنا الكابتن عبد المنعم الخضار هو من يتولى ترتيبات حفل الوداع لزملائنا المغادرين بما يتضمنه من نشاط رياضي واجتماعي مع تصوير الحدث وتسليم صاحب الشأن نسخة مصورة من حفل وداعه وكنا نتندر بأن من ينتقل بعد الكابتن لن يجد من يحتفل به ..  ومع اقتراب نهاية سنة ألفين وثمانية كان معظم الاصدقاء المقربين قد غادرونا أو على أهبة المغادرة ونحن نودع وتتراكم في النفس المشاعر ثم تنبثق وتنساب فكانت الكلمات التالية:  
 
يؤرقني التذكـــر والتنسّــــي    ........   وترهقني شجون غدي وأمسي
وتلهو بي تصــاريفٌ ثقــــالٌ  .........    تعاند مهجتي وتعيق حدســــي
وتمضي بي على سبــلٍ بعادٍ  ...........   يُشتّ ضبــــابهن بريق حسّي
كأن فراق أحبابي سهـــــــام  ...........  تطارد بـهجتي وتزيل أنســي
وكيف الأنس بعدكم يُنـــــال   ...........  وكيف يصد سهم الشوق ترسي
وما ترسي سوى الاحباب حولي  ........  فإن بعـــــدوا فمـن أين التأسّي
أخي بالعمـــــر أعوام ثقـــال  ..........   قطعنــــاها على علـــوٍ ونكس
ودهرٌ بين شطــــــريه أختبرنا  ........  يقلبنا على فـــــــــرحٍ وبـــــؤس
يروح بنا ويغدو يا صـــــــديقي .........  على حــــــــالين من أمل ويأس
فكنت كما عهـــــدتك كل حين  .....  مؤنس وحــــــدتي وشقيق نفسي
وزندي عند لقيــــــا الحادثات  .......  وعند اللافحــــــات وجاء رأسي
فلا قطعت لك الايام وصــــلا  ...... ولا حرمتني من قــــــــربٍ وأنس
                                                                        محمد مصطفى بن زيادة-2012

الأحد، 25 نوفمبر 2012

الاعلام بعد الثورة .. تجربة اخفاق

أسوأ القطاعات أداء بعد نجاح الثورة هو قطاع الاعلام وبالرغم من ذلك فهويقوم بالتنظير علينا وعلى حكومتنا ومؤتمرنا لكي يوضح لنا كيف ننجح في أداءنا وكيف لفاقد الشئ أن يعطيه , الاعلاميين لم ينجحوا حتى في اختيار جهاز أو هيئة تقودهم وتصوغ ميثاقهم وترسم السياسة العامة والاهداف وتوجه البوصلة العامة لصالح ليبيا فهم لم ينجحوا لا في الانتخاب ولا في التعيين واختلفوا على كل شئ لدرجة اختطاف احد رموزهم لخلاف في الرأي أثناء أحد اجتماعاتهم الشهيرة . اعلامنا الحالي مع وجود بعض الاستثناءات هو خليط من ذوي المصالح الضيقة والانتماءات القبلية أو الجهوية أو الحزبية الذين يسعون لمصالحهم ولو على حساب ليبيا وهؤلاء يدسون السم في الدسم , وآخرين بسطاء وسذج فرحين بالحرية والمجال المتاح فيسرحون ويمرحون وينقلون الاخبار ويديرون البرامج بدون تمييز ولا تمحيص لتأثيرها على وحدة ليبيا وسلامتها وأحيانا يستعملهم الآخرون لتحقيق أهدافهم فهم كمن باع آخرته بدنيا غيره أو كحامل الاسفار والصنف الآخر هو المنتمين والمتعاونين مع النظام السابق الذين خلعوا عباءة ذلك النظام عنهم الآن للحفاظ على مكاسبهم وأوضاعهم ويخشون من فضحهم أو استبعادهم عن مائدة الثورة ولذلك فهم يثيرون الزوابع والقلاقل والضجيج والغبار إعلاميا كلما شعروا بأن أحدا ما يقترب أو يحاول الاقتراب منهم ومن مصالحهم ولو أدت هذه الزوابع والقلاقل الى الإضرار بليبيا وسلامتها فلا يهمهم فهم كالذين قالوا آمنا وما هم بمؤمنين ... أنا الآن أستمع الى نشرة أخبار احدى القنوات والاخبار الثلاثة الاولى فيها هي تكذيب لأخبار ذكرت في نشرتها الصباحية وهذا مؤشر واضح على حجم تداول الاخبار والمعلومات الكاذبة في الفضاء الاعلامي .. أملنا كبير في أن يكون لدى الاعلاميين قيادات وحكماء يمكنهم أن يشكلوا هيئة أو وزارة أو مؤسسة تخرج بالاعلام من المستنقع الذي يتخبط فيه بشكل عاجل فاستكمال بناء ليبيا حرة موحدة ذات دستور وقوانين فاعلة لن يتم بصورة آمنة وسلمية وسليمة بدون إعلام متزن وناضج يمتلك رؤيا واستراتيجية تضع ليبيا على رأس الاولويات.

الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012

الكوكاكولا.. أضرار وسرطان

من موقع ثقف نفسك :                                                                                                     اصر مصنعين الكوكاكولا على ان تظل مركباتها سرية فقد كان مالك الشركة وصاحب الفكرة يخشى ان تقع التركيبة في الايدي الخاطئة وتظل الشركة مصرة حتى الآن في ان تجعل التركيبة سرية ولا يعرفها سوى شخصين الذين لا يحتمل ان يسافروا على نفس الطائرة خشية الحوادث  وحين تم تسريب تركيبتها وجدت الشركة نفسها في موضع غير مرحب به من الهيئات الصحية واصبحت الآن من ضمن الاشياء التي يمكن ان تسبب مخاوف السرطان
حيث ان رباعي ميثيل ميدازول (4-methylimidazole) المركب الاساسي الذي يساعد على ان يكون المشروب له لونه صنف في مكاتب كاليفورنيا للصحة على انه من المواد المسرطنة



في حين ان المنظمات الاوروبية لا تعترف بانها تملك اي مخاطر على الصحة كما ان الشركة تعهدت بالتقليل من مستوى هذا المركب في بريطانيا وباقي العالم بالرغم من من عدم وجود جدول زمني لتنفيذ هذا الوعد
وقد قامت شركة بيبسي بتقليل المركب في امريكا ولكنها رفضت تغييره باي حال مما يعني انه لو صحت ظنون مكاتب الصحة في كاليفورنيا فان البيبسي في بريطانيا وباقي دول العالم يجب التخوف منه اكثر مما هو في امريكا
اصرت كوكاكولا وبيبسي على ان منتجاتها امنة تماما بدون تغييرات ولكن يظل السؤال ما مدى صحة وامان محتويات زجاجات المياه الغازية على صحة الانسان وما التاثير الحقيقي للونها 
علاقة لونها بالسرطان:
جزء كبير من لونها يعتمد على رباعي ميثيل ميدازول (4-methylimidazole) والتي يصر صناع المياه الغازية بيبسي وكوكاكولا على انها امنة تماما ولكن في كاليفورنيا لا يوافقون على هذا حيث ان دراساتهم توضح انها تسببت في سرطان الرئة لفئران التجارب اذا زادت كميتها عن 29 ميكروجرام وقد وجدت مراكز الابحاث ان نسبة المركب في العلبة الواحدة 140 ميكروجرام وقد اثبتت الابحاث انه حتى لو وصلت النسبة الى 30 ميكروجرام فانها تسبب السرطان في واحد كل 100000 شخص
 


الكافيين:
تحتوي الزجاجة الواحدة على 40 مليجرام من الكافيين نصف الكمية الكافيين التي يوفرها كوب كبير من الشاي وثلث كيمة كوب كبير من القهوة مما يؤدي الى ارتفاع ضغط الدم بشكل كبير وزيادة معدل ضربات القلب


 


السكر:
يقول الاطباء ان الخطر من الكوكاكولا لا ياتي من المكونات التي لا يعرفونها ولكنه السكر الذي يمثل الخطر الاعظم حيث ان كثرة السكر تقود الى السمنة والمسبب الاول لمرض السرطان ويسبب امراض القلب ويسبب زيادة احتمالات الاصابة بجلطة دماغية
ان السكر الذي تحويه الزجاجة الواحدة من الكولا يعادل 8 ملاعق كبيرة من السكر فعندما يشرب الشخص كل هذه الكمية من السكر يواجه الجسم مشكلة في معالجة كل هذه الكمية الكبيرة من السكر في الدم مما يؤدي الى هبوط كبير في كمية الطاقة التي يشعر بها الانسان في هذه اللحظة والرغبة الشديدة في المزيد من السكر
حمض الفوسفوريك:
مركب عديم الرائحة يساعد على اعطاء النكهة المنعشة للكولا وهو معالج للصدا ويمكنك ان تستعمله على المعادن لاستعادة بريقها ولكنه يسبب اضطرابات جسدية ولقد اثبتت الدراسات الصحية في امريكا انه اذا تم شرب الكولا اكثر من مرتين في اليوم فانه يزيد من احتمال تكون الحصوات في الكلى بسبب حمض الفوسفوريك ويسبب هشاشة العظام
حمض الستريك:
ينتج من الليمون والبرتقال ويوضع في الكولا فيجعل تاثيرها على الاسنان اقرب الى احماض البطاريات
فقد قامت بعض الدراسات على تاثير الكولا على الاسنان وجد انه عند غمر اسنان حديثة في الكولا لمدة 48 ساعة تذوب الاسنان تماما اذا قورنت بتاكل 5%منها فقط في الليمون الصافي




 


الأحد، 11 نوفمبر 2012

أخطاء شائعة تقلل الانتاجية

منقول من مدونة شوف شغلك
 
أي واحد فينا بيحاول دايماً يزود إنتاجيته عشان يحقق نتايج أحسن في شغله، لكن محاولاتنا لزيادة الانتاجية ممكن تقابلها أخطاء معظمنا بيقع فيها بدون وعي وبتكون نتيجتها عكسية.
1- غياب الرؤية
نتيجة ضغط الشغل بنلاقي إننا بنحاول نعمل حاجات كتير في وقت قليل.. بنغرق في جداول وخطط معقدة عشان ننظم وقتنا بس في وسط كل ده بننسى إحنا ليه أصلاً بنعمل كل ده؟
مهم إنك تكون كفء في شغلك بس الأهم إنك تكون كفء ومؤثر كمان.. وده يكون بإنك تركز على جدوى المهام اللي بتقوم بيها قبل ما تقرر إنك تعملها.
2- تعدد المهام في نفس الوقت
أو ما يعرف بال multitasking لدرجة إن الناس عندها تصور إن الشخص اللي يقدر يتكلم في التليفون ويبعت إيميل ويكون بيتابع حاجة في التليفزيون في نفس الوقت هو أكتر إنسان منتج.. وده مش حقيقي لإن كل الأبحاث أثبتت إن عقل الإنسان بيشتغل في أكثر من عملية على التوالي مش على التوازي.. بالتالي محاولة إنك تعمل أكتر من حاجة في نفس الوقت هيؤدي إلى تشتيت تركيزك مش زيادة إنتاجيتك.
3- استخدام أدوات معقدة
أحياناً بتظهر تطبيقات تساعدك على تنظيم وقتك.. أو برامج هدفها زيادة الإنتاجية.. دي حاجات مفيدة بشرط إن استخدامها يكون وسيلة مش هدف.. لإن كل انسان عنده منحنى تعلم ومع الوقت قدرته على استيعاب أدوات جديدة بتقل.. ممكن تضيع وقت كتير عشان تتعلم تطبيق جديد رغم إنك لو استخدمت الوقت ده في شغلك كنت هتحقق نتايج أسرع وأحسن.
4- الدخول في مشاريع كتير
“إحنا بننفذ أي مهمة بنجاح تام”.. دي البداية اللي بتخلي أو شخص أو مجموعة تكون عندها رغبة على إثبات المزيد من النجاح.. ممكن يوصل لمرحلة تحدي الذات أو إدمان النجاح.. مهم جداً إن قبل ما نقرر الدخول في مشروع جديد إننا نتأكد إن عندنا الوقت والمقدرة على تنفيذه.. عشان لو ده مش موجود هتكون النتيجة تأخير في باقي المشروعات وممكن يأثر على جودة الشغل.
5- قلة النوم
معظم الناس اللي بيحاولوا زيادة انتاجيتهم مش بيقدروا أهمية النوم.. الحل البسيط للمشكلة دي إنك تتعامل مع النوم على إنه مشروع إنت مسؤول عن تطبيقه وتدخله في جدول أعمالك. من غير عدد كافي من ساعات النوم الإنتاجية هتقل مهما حاولنا نضغط على نفسنا.. وطبعاً الآثار الصحية الإيجابية للنوم معروفة لكل الناس
مهم جداً إننا نحاول نزود إنتاجيتنا.. والأهم إننا نعمل ده بطريقة تحافظ على صحتنا وعلى التوازن الإجتماعي في حياتنا لإن الانسان الناجح هو اللي بيقدر ينجح في كل جوانب حياته.

الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

تفاؤل

الى كل الصامدين على كل الجبهات وفي كل الخنادق والعاملين في صمت رغم الضجيج والصعاب يحاولون صنع ليبيا الجديدة وتأسيس الدولة من ركام اربعين سنة كالحة ومن غبار المعارك الجامحة وبعزائم الرجال المخلصين يجمعون النجاحات ويعالجون الاخفاقات آملين منهم أن يستمروا بنفس الروح ومهما واجههم من عوائق :

 ياصاحبي لاترتكس
هي خطوة أخرى على الدرب فلا تثنيك أهوال المسيرة
رتق شراعاتك وقاوم
فغدا ربيع الكون يقبل راكضا
بسماته تدحر أعاصير الشتاء

 ياصاحبي لا تبتئس
هي كبوة للفارس المغوار في إحدى معاركه الكثيرة
أسرج أمانيك وحاول
طعم الأماني لا يبور
وتجسد الاحلام يمنح هذه الدنيا البهاء

 ياصاحبي لاتنتكس
هي جولة أخرى فلا تكتب وصيتك الأخيرة
أوقد قناديلك وواصل
فالشمس تغرب كل يوم
وغدا تنير الشمس أرجاء السماء
 
 
                                                                                                                   محمد مصطفى بن زيادة

الاثنين، 29 أكتوبر 2012

عيد التحرير

 لم يكن هناك خبر أشد وقعا وأكثر إدخالا للسرور على الليبيين من خبر القبض على الطاغية والتخلص منه   ومن   حكمه  ثم اعلان  التحرير ايذانا ببداية عهد جديد لليبيا .. كانت تلك الاحداث اسرع من قدرتنا على قراءتها وأكبر من توقعاتنا واشفى للصدور مما طلبه اكثر الليبيين تفاؤلا وكان الثوار الليبيين بكافة طوائفهم هم من يصنع كل تلك الأحداث .. في تلك الأيام المجيدة من تاريخ ليبيا وتحت وطأة الفرحة والبهجة والشعور بالفخر بهذا الوطن و أهله وثواره كتبت هذه الأبيات ولهم أهديها :

                                    عيد التحرير
الله أكبر كم في النصر من نصر              وفي المقاديــر من حكمٍ ومن عبـر
وفي ثنايــا ظروف الحادثـات إذا              أبدت نواجذها ترسم خطى القـــدر
ترفـع وتخفـض أقوامـاً وألويـــةً               وتقرع اللــوح تبيـــاناً لذي نظـــر
إذ المنايا ظهــورٌ لا يروِّضهــــا               إلا أشـــاوس ركّــابين للخطــــــر
والأمنيات شتاتٌ ليس يجمعهــــا              إلا أماجد عرّكهم رحى الدهــــــر
والمجـد مَعْلَمُ لا يُـرقى لــذروتـه               وليس يُدنى من محرابـــــه العطر
إلا عــلى مهـج الأرواح قـــانيةً               تسيل زاهيةً من شـــــدّة الفخــــر
مبذولـــةً في سخـــاءٍ لا يكــدّره               مَنّ الشحيح ولا تعطيل معتســــر
يسبق بها نســل أجـوادٍ تسابقهـم               هممٌ وأنفس لاترضى سوى الظفر
صُنّاع عزٍ وغير العز ما اقترفوا             معلَّمين بوهجٍ من سنــــا الفجــــر
لايرتضــون لحيفٍ أن يحيق بهم              ولا لموطنهم ركناً سـوى الصدر
هموا رجــالك يا ليبيا قد اشترعوا             سنن البطولة منهاجــا لذي وطر
به يُكبّـد أهـــــل البـغي مغرمــهم              ويَشْتَفي صـدر أقوامٍ ذوي وتــر
لما أقــاموا مع التاريخ موعـــدهم             والوعـد دين إذا ما كان من حـرِّ
وأرسلوا في المدى أحلامهم زمرا             تَرودُ أفقـاً تَبَدّى صــاخب النــذر
وأسرجوا الهمم العلياء مضمـرة               وأبرموا العهد بين الحق والصبرِ
وأنهضوا العزم وثّابـاً ومنتفــضاً              وأججوا الأفق بالنيران والشـرر
ترمي لظاها على الظلمات تشعلها            فيستحيل الدجـى وقّاد كالجمـــر
يلهب كواهل طاغية عتا زمنـــاً               عتّو فرعون إذ يشتط في الكبـر
جاؤوه بالحق وضّاحاً ومنبلجـــاً              ليردعوه فلم يزدد سوى بطـــر
أرغى وأزبد والأيام شـــاهدةً                  وأردف القـــول بالتنكيل والقهــر
وجمّع الجند والأوهام في عجلٍ               والمخبرين وأعلى راية السحــــر
ولجّ في الغي من أنتم سأشعلها                داراً بدارٍ فـــلا تبـــــقي ولا تـــذر
فجاوبوه ودرب الحق وجهتهم                 الله أكبر إن البـــــغي في خســــر
وقارعــوه شهورٌ نَزْفُها عبــقٌ                يرصع الأرض والتــاريخ بالدرر
وطــاردوه إلى شِعَبٍ وأوديـةٍ                 وألبسوه لبـاس الخـوف والذعـــر
وحاصــروه على أبواب ذلّتـه                 والجأوه إلى ســـرداب كالجحــر
هناك لاقت فلول البغي مِحْنتها                بعد التبجح أضحـت عبرة العبـر
وكان يوما به جَذْلى مقاصدنـا              نصوغ أحرفه جسـراً إلى النصر
عيد التحرر والتحـرير نُعْلنــه               في العالمين نهارا سامق الغــرر
فيه استعاد تراب الأرض رونقه              والليل أورق زهرا باذخ العطــر
والأمنيات غدت سبلاً ميســـرةً                والتوق أمسى بذورا للغد النضر
فشمروا للأماني المفعمات جنىً               واللابســـات بهـــاءً غير مندثــر
سواعد الجد والاصرار في شممٍ              وهمــــةً ترتقي العليـاء لا تَحِـــرِ
مستعصمين بحبلٍ لا انفصام لـه              متآزريـن أوان العسـر واليســــر
وامضوا كراما وعين الله ترعاكم             ومن رعته فلن يعرف سوى النصر
 
محمد مصطفى بن زيادة / طرابلس - 10/2011   

السبت، 27 أكتوبر 2012

معايدة


العيد أقبل قم بنا يا صــــــاح ...... هو للنفوس طهـــارة ورواح
نرتاد روضته السنيـــة تــــارة ...... ونهيم طورا في ربى الافراح
ونصيب من حلو الموائد نفحـة ...... بين الشـــــواء وريحه الفواح
وصنوف عصبان لذيذ طعمهــــا ...... قد اتقنتها كل ذات وشـــاح
وترى الاقارب قد تقارب شملهم ..... وترى التسامح طاف بالأرواح
دعواتهم ترقى إلى عبب السما ..... ترجـــو الإله يثيبهــــــا بفلاح
ياصاحبي بدعائك اجعل لي لفتة .... أرجو بها فرجـــا وقرب صـــلاح

وكل عام وجميع الاقارب و الاحباب والخلان والاصحاب بخير وعافية وعيدكم سعيد

الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

الجزائريون والثورة الليبية .. أنانية أم سوء فهم



مواقف الحكومات تجاه احداث معينة لانجد صعوبة كبيرة في تحليلها والبحث عن اسبابها لأنها غالبا تعتمد على معطيات يمكن البحث عنها والاقتراب منها وحتى تحديدها  وهي دائما تبنى على المصالح والضغوط ومتطلبات الاستقرار والاستمرار. أما مواقف الشعوب فهي في الغالب تنبع من العاطفة وتخرج بشكل تلقائي ودون تصنّع وهذه العاطفة تتشكل وتنمو عبر تاريخ طويل تتشابك خلاله المبادئ والمصالح والمواقف المشتركة والمتبادلة في السراء والضراء بين هذه الشعوب داخل وعاء الجغرافيا والتاريخ , وحتى إذا تم التأثير أو التشويش إعلاميا للتأثير على موقف شعب تجاه حدث ما فإن هذه الغشاوة الاعلامية لاتلبث أن تنقشع وتتغلب العاطفة الحقيقية التي يبدو واضحا من خلالها الفهم الحقيقي لآلام ومعاناة وتطلعات كل شعب للآخر.
ومن هذا المنطلق فإن معظم الليبيين يجدون موقف الشعب الجزائري أو جزء كبير منه تجاه الثورة الليبية محير جدا وكلما حاولنا تحليل هذا الموقف والبحث عن جذوره وأسبابه وجدنا الأمر غاية في الصعوبة والتعقيد فالشعبين بينهما تاريخ مشترك ومرّوا بفترات من المعاناة سواء اثناء فترة الاستعمار او الحكم الاستبدادي المتخم بالفساد مما يحتم على كل منهما أن يفهم الآخر ويفهم احتياجاته ودوافعه وتطلعاته (كما كان واضحا في موقف الشعب التونسي والشعب المصري خلال فترة الثورة الليبية) ولكن موقف الجزائريين كان معاكسا لذلك سواء بعدم اعتراضه على مواقف حكومته اثناء الثورة أو بعدها عندما قامت بإيواء المجرمين الفارين من ليبيا أوتلك المؤشرات التي تبدو من خلال مواقفه أثناء اللقاءات أو الاحداث الرياضية وغيرها , إن كافة العوامل تشير الى ان موقف الشعب الجزائري كان يجب الا يختلف عن موقف الشعب التونسي النبيل ولكن الذي حدث هو العكس وهذا في اجتهادي الخاص ووجهة نظري راجع في جزء كبير منه الى البناء النفسي للشخصية الجزائرية والدور الفرنسي الدامي في بنائها ثم الدور الفرنسي الايجابي مع الثورة الليبية , إن العلاقة بين الجزائريين وفرنسا هي مزيج من الكراهية مع الاحترام والغضب مع الشعور بالنقص والشعور بالاضطهاد مع الرغبة في الانتقام والجزائري يمارس عادة ذم فرنسا والفرنسيين طول الوقت ومع ذلك تتملكه رغبة عارمة في الهجرة الى فرنسا والاقامة بها. وتاريخ فرنسا في الجزائر تاريخ دامي ملئ بالظلم والمجازر والتدمير والاشعاعات النووية ومخلفات هذه الفترة في اللاوعي الجزائري عميقة الندوب ومؤثرة جدا على مواقف الجزائريين تجاه الآخرين وإن دخول فرنسا على خط الثورة الليبية هو ما دفع موقف الجزائريين في هذا الاتجاه حيث كان الجزائريون يحاولون طوال سنين بكل جهدهم اثبات وترسيخ وتوثيق هذه الصفحات الدامية السوداء من التاريخ الفرنسي بالجزائر ويغمرهم شعور جارف بأن هذا واجب وطني وان عليهم إرغام فرنسا على تسوية هذا الملف بطريقة ترضيهم وتنفع لمعالجة هذه الندوب العميقة في الشخصية الجزائرية ولايتقبلون أن يعمل اي طرف آخر بالتأثير على هذا المسارودفعه في اتجاه مغاير ولذلك فهم يعملون جاهدين على التشهير بتلك الصفحات المؤلمة ويسعون لتجميع الرأي العام الاقليمي وحتى العالمي ضد فرنسا فيما يخص هذا الملف ويعملون على الضغط عليها في هذا الاتجاه وبكافة الامكانيات بما يؤدي الى تقوية عقدة الذنب لدى فرنسا وترسيخها ومن ثم جعلها تسعى لقفل هذا الملف وتسوية مخلفات تلك الفترة وإرضاء الجزائريين نفسيا وماديا.
ولكن ساراكوزي اقتنص الفرصة وبطريقة ماكرة جدا دخل على خط أحداث الثورة الليبية بطريقة أثارت إعجاب الكثير من شعوب العالم والمنظمات غير المدنية ومنظمات حقوق الانسان ومنحت فرنسا الفرصة لمعالجة عقدة الشعور بالذنب تجاه شعوب المنطقة ولتلميع تاريخها في المنطقة وادراج صفحات بيضاء جديدة تخفف من شدة سوّاد تلك الصفحات القديمة وهذ يلامس عصب حساس جدا لدى الجزائريين ويعطل آلة الضغط التي كان الجزائريون يشحذونها ضد فرنسا وفي داخل اللاوعي الجزائري فإن من تسبب في هذا الحدث ومن أعطى لفرنسا الفرصة للقيام بهذا الدور الايجابي ومهما كانت  مبرراته قد اعتدى على ملفاتهم التاريخية وحقوقهم النابعة من هذا التاريخ وجنى الدعم النفسي والمادي الذي كان من المفترض ان يكون نصيبهم عند تسوية ملفاتهم مع فرنسا .
على الشعب الجزائري أن يعيد النظر في موقفه هذا ويقوم بتصحيح موقفه من الثورة الليبية ولا يربط الامور ببعضها بشكل مغلوط لأن مثل هذا الموقف سينتج عنه شرخ كبيربين جارين لايتوجب عليهما أن يفرطا في بعضهما وأخطاء الحكومات تذهب آثارها مع ذهاب الحكومة أو استبدالها أما أخطاء الشعوب تجاه بعضها فربما لايتوقف أثرها أبدا.         

وخزات


الجمعة، 12 أكتوبر 2012

العادات العشر لأصحاب الكاريزما الطاغية

منقول عن مدونة شوف شغلك
مقال مترجم: العادات العشر لأصحاب الكاريزما الطاغية

امتلاك كاريزما طاغية لا يتعلق بمستوى نجاحنا أو مهاراتنا في العرض والتقديم أو طريقة ملبسنا أو الصورة التي نرسمها لأنفسنا، امتلاك الكاريزما يتعلق بما نفعله.

بقلم جيف هايدن

بعض الناس يشعروننا بأهميتنا على الفور ويملؤون المكان بطاقتهم الإيجابية بمجرد دخولهم الغرفة…لا نستطيع تعريف الأمر دائما ولكن البعض أصحاب كاريزما بطبيع...
تهم.

للأسف تفقد الكاريزما الطبيعية تأثيرها سريعا…. ليولد مزيد من الاعتياد على التعامل مع من يمتلكونها.

ولكن بعض الناس لديهم كاريزما طاغية، فهم يقومون ببناء علاقات جيدة ويحافظون عليها، ودائما ما يكون لديهم تأثير إيجابي على الآخرين من حولهم ويجعلونهم يشعرون شعورا أفضل تجاه أنفسهم…هم هؤلاء الأشخاص الذين يريد الجميع أن يتواجد معهم…أو أن يكونوا مثلهم.

لحسن الحظ نستطيع أن نكون أصحاب كاريزما، لأن الأمر يتعلق بما نفعله

وها هي العادات العشر لأصحاب الكاريزما:

1- أصحاب الكاريزما يستمعون أكثر مما يتكلمون

تجاوب مع من يتحدث معك، ولا يجب أن يكون ذلك من خلال الكلام فقط…فتوجيه الأسئلة، والنظر في أعين المتكلم، والابتسام والعبوس والإيماء بالموافقة هو كل ما يلزم لكي تظهر اهتمامك بمن يتحدث معك.

وعندما تتحدث لا تقدم نصائح إلا إذا طُلب منك ذلك، فالاستماع يظهر اهتمامك بشكل أفضل من تقديم النصائح، لأنك عندما تقدم النصائح يتحول الأمر في أغلب الأحيان للحديث عن نفسك.

تكلم فقط عندما يكون لديك شيء هام لتقوله، ولتحدد أهمية ما ستقوله وفقا لما يهم من تتحدث معه وليس ما يهمك أنت.

2- أصحاب الكاريزما لا يمارسون “الاستماع الانتقائي”

بعض الناس – وأنا على ثقة من أنك تعرف أشخاص كهؤلاء – ليس لديهم القدرة على الاستماع إلى أي شيء يقوله أشخاص يشعرون أنهم أقل منهم قدرا….تتحدث إليهم ولكن لا حياة لمن تنادي فلا يوجد من يستمع حقا.

أصحاب الكاريزما يستمعون بإمعان للجميع، ويجعلونهم يشعرون بأن لديهم أشياء مشتركة بغض النظر عن مواقعهم الاجتماعية ومستوياتهم….لأننا نشترك بالفعل في الكثير من الأشياء…لأننا بشر.

3- أصحاب الكاريزما لا ينشغلون بأشياء أخرى أثناء الحديث

أثناء حديثك مع الآخرين لا تتفقد هاتفك المحمول، لا تنظر نظرة سريعة على شاشة الكمبيوتر ولا تنشغل بأي شيء آخر حتى لو للحظة، فلا يمكنك أن تتواصل مع أحد إذا كنت منشغلا في التواصل مع أشياءك أيضا.

فلتمنح تركيزك الكامل لمن يتحدث معك…قليلون من يفعلون ذلك، وهو ما سيجعل الآخرين يريدون التواجد معك وهو ما سيجعلهم يتذكرونك.

4- أصحاب الكاريزما يعطون قبل أن يأخذوا، وأحيانا لا يأخذون أبدا!

لا تفكر في ما يمكنك الحصول عليه، بل ركز على ما يمكنك تقديمه، فالعطاء هو الطريق الوحيد الذي يمكنك من إقامة علاقات حقيقية.

التركيز على ما يمكنك الحصول عليه من الطرف الآخر – ولو للحظة – سيجعلك تبدو أنانيا ومهتما بنفسك فقط.

5- أصحاب الكاريزما لا يتصرفون كأشخاص مهمين

من يتأثرون بأهميتك وطموحك هم الأشخاص الطموحون المهمون مثلك….بقيتنا لا يتأثر بذلك، بل أن تصرفك كشخص مهم يسبب لنا الانزعاج والنفور وعدم الراحة.

6- ….لأنهم يدركون أن الآخرين أكثر منهم أهمية

أنت تعرف بالفعل ما تعرفه، تعرف آرائك ووجهة نظرك للأمور، وهذه الأشياء غير مهمة لأنها ملكك بالفعل، ولا تستطيع أن تتعلم شيء من نفسك.

ولكنك لا تعرف ما يعرفه الآخرون، وكل الناس – أي كان من هم – يعرفون أشياء لا تعرفها، وهو ما يجعلهم أكثر أهمية منك، لأنهم أشخاص يمكنم التعلم منهم.

7- أصحاب الكاريزما يسلطون الأضواء على الآخرين

لا يوجد من يتلقى ما يكفي من الثناء، ولا يوجد من يقول لأحدهم أنه أجاد شيء فعله….ومهمتك – لكي تصبح من أصحاب الكاريزما – أن تعرف مسبقا هذا الشيء الذي يجيد الناس فعله،ولن يقدر الناس ذلك فحسب بل سيقدرون أيضا حقيقة أنك تهتم بما يكفي لتنتبه إلى ما يفعلون، وسيجعلهم ذلك يشعرون بأنهم أكثر براعة وأهمية.

8- أصحاب الكاريزما يختارون كلماتهم بعناية

الكلمات التي تستخدمها تؤثر على مواقف الآخرين منك، فعلى سبيل المثال لا تقل أنه عليك الذهاب إلى اجتماع، أو أنه عليك أن تقوم بعمل عرض تقديمي لعميل جديد، أو عليك الذهاب لصالة الألعاب الرياضية، بل من الأفضل أن تقل أنه ستتوفر لديك فرصة الاجتماع مع أشخاص آخرين، ولديك الفرصة لمشاركة أمور مثيرة للاهتمام مع أشخاص آخرين، وأنك ستقوم بممارسة الرياضة وتحسين لياقتك وصحتك.

أنت ليس عليك أن تقوم بعمل مقابلة شخصية مع مرشحين للوظيفة، أنت ستقوم باختيار شخص بارع للانضمام لفريق العمل.

فكلنا نريد أن نتعامل مع أشخاص متحمسين وسعداء، وكلماتك التي تختارها بامكانها أن تساعد الآخرين على أن يشعرون بشعور أفضل تجاه أنفسهم وتجاهك أيضا.

9- أصحاب الكاريزما لا يناقشون أخطاء الآخرين

بالطبع كلنا نحب أن نستمع للقليل من أخبار النميمة والفضائح…وتكمن المشكلة في أننا لا نحب – أو نحترم - بالضرورة الأشخاص الذين يقومون بنشر تلك الفضائح.

لا تسخر من الآخرين، لأنك عندما تفعل يتسائل من حولك إذا كنت تسخر منهم هم أيضا.

10- …ولكنهم يعترفون بأخطائهم بدون تردد

غالبا ما يفترض الناس أن الأشخاص الناجحين هم أصحاب كاريزما لأنهم ببساطة ناجحين…ونجاحهم يبدو كهالة متوهجة من حولهم.

لا يجب أن تكون ناجح بشكل كبير حتى تكون من أصحاب الكاريزما الملحوظة، فخلف المظهر المتوهج للناجحين قد لا تجد أي آثار تذكر للكاريزما، ولكن عليك أن تكون صادق بشكل كبير حتى تكون من أصحاب الكاريزما الملحوظة.

كن متواضعا، واعترف بأخطائك، شارك تجاربك واخفاقاتك لتكن تجربتك في الاخفاق قصة ترويها لتحذر من حولك من تكرارها.

عليك ألا تسخر أبدا من الآخرين، بينما يمكنك دائما أن تسخر من نفسك. لن يسخر الناس منك وقتها ولكن سيشاركونك الضحك، وستحظى باعجابهم، وسيحبون التواجد معك أكثر.

السبت، 29 سبتمبر 2012

آه عمران


آه عمران ومصراته           فالخطب له وقــعٌ جلل

والحزن ترفرف راياته            والوجع ظلام ينســدل

والقلب يضمد نبضاته             يخشى أن يلحقهـا كلل

من جرحٍ تنزف زفراته            ألما يزداد ويتصـــل

يكبر في وطنٍ خطواته            مازالت تحبو وتُرتجل

يرنو الى ركبٍ فاته               لايدري اليه متى يصل

أو كيف يجمّع طاقاته             حذرا أن يهدرها الخطل

يسكب في صمت عبراته        حزنا أن غادرنا البطل
و يســــود الهمّ نهاراته          فغياب أشاوسهـــا ثكل

عمران الشعر وأبياته           والنثر وما أفضى القول

وفيافي وطني وجناته          ومدائن يصحو بها الأمل

والمجد وأعلى صهواته         تشهد أنك أنت البطل

أنت الفعّـــال لغاياتــه          أنت المقدام إذا ولّـــوا

أنت المشهودة وثباته          خلف الظُلاّم إذا دخلوا

في جُحرٍ حسبوا ظلماته        تُنجيهم إذ حان الأجل

أرجعت لوطنك بسماته        ولأهلك ما طلب الأهل

لكن الغدر ورمياته            وضغائن يضرمها غلّ

طالتك بسهمٍ غاياته            إيقاف الحق فلا يعلو 

فمضيت لربٍ رحماته         مُنحاً لا يشبهها مَثَل
تسكن بالإذن بجنّاته           فالفوز لك مهما فعلوا
عمران وفعله وصفاته        مثلٌ لشبابٍ ما بخلوا
قد قدّم عمره وحياته         والعمر ربيـــع مؤتمل
أهداه لوطنٍ راياته           يُرجى أن ترتفع وتعلو
وانطلق شهيدا آياته          أن الاحلام ستكتمـــل
والحق ستعلو أصواته       والجرح يطيب ويندمل
وسنرقى المجد ودرجاته     والظلم سيخبو ويرتحل
  محمد مصطفى بن زيادة/ سبتمبر-2012

السبت، 22 سبتمبر 2012

إنقاذ ليبيا


مسيرات انقاذ بنغازي

الوضع الطبيعي في أي دولة أن الحكومة والنخبة السياسية تسبق الشعب بمراحل من ناحية الوعي ووضوح التفكير ومهارة التخطيط والقدرة على التنفيذ في أي مرحلة من مراحل الثورة أو الدولة ويبقى الشعب يحاول ان يفهم  هذه الخطط والخطوات ويعلق عليها ويبحث عن منافعها ليقيّم الحكومة وأعمالها ولكن أحداث الثورة الليبية وآخرها وليس نهايتها مسيرات إنقاذ بنغازي (ليبيا) تثبت مرة بعد أخرى أن الشعب أكثر وعيا ومهارة وقدرة على التخطيط والتنفيذ من الحكومة والنخبة السياسية وانه يسبقها بمراحل وترسل هذه المسيرات رسالة واضحة وحاسمة الى الحكومة تبين متطلبات الشعب وعلى الحكومة إما أن تستجيب وتلتقط المبادرة وتتخذ الاجراءات الصحيحة عاجلا وإلا فإن كرة الثلج ستبدأ تتدحرج  وستبدأ المدن الواحدة تلو الاخرى في الخروج لنفس المطالب وبنفس الآلية التي تطورت بها ثورة فبراير والتي بدأت من هناك وفي هذه الحالة ستدخل البلد في فراغ أمني أسوأ من الوضع القائم حاليا حيث لن يكون هناك جيش ولاشرطة مع حل لكتائب الثوار وسيصبح الميدان مفتوحا لكل القوى مع الثورة أوضدها وبدون ضوابط . ولتلافي هذه الاحتمال المظلم ولتأخر الدولة في تنفيذ المطلوب منها على قادة الثوار أن يكونوا سباقين للفعل وعدم الاكتفاء بردود الافعال فقط ويجب أن تكون أهدافهم واضحة للشعب وأن تكون في اتجاه دعم بناء الدولة وأن تكون خطواتهم التنفيذية مبينة ومعلنة مسبقا ولها إطار زمني وتدعم بناء الدولة ومؤسساتها لإكتساب ثقة المواطن وغير ذلك يعتبر أهداف وغايات شخصية لاتمتّ لمصلحة ليبيا بصلة وإن دخول ذوي النفوس المريضة على خط الثورة أفسد صورة الثوار وأربك خطوات الثورة وعلى الثوار وقادتهم التصرف لتنظيف صفوفهم وصورتهم.

إن إخلاء مقرات السرايا والكتائب التي لاتعمل تحت شرعية الدولة هو إنجاز كبير يحسب لمدينة بنغازي ولهذه التظاهرة ونقف له تقديرا لأنه أمر عجزت عنه الحكومة نفسها بصلاحياتها ومواردها أما التي تعمل تحت شرعية الدولة وتحت غطاءها فإن إخلاءها وبالطريقة التي تمت بها ستكون له آثار سلبية مؤثرة خاصة إذا لم تتمكن الدولة من توفير البديل المؤهل عاجلا وهو ما تعجز عنه حاليا فمن الناحية العملية من سيقوم بضبط الأمن الأيام القادمة في بنغازي.

 إن الدولة متأخرة جدا في بناء مؤسسات الجيش والأمن لأسباب غير واضحة لنا وهذا الامر جعلها تعتمد على سرايا ولجان الثوار للحفاظ على الامن في المدن وهذا جهد يحسب لهم وإذا نظرنا الى غالبية المدن (باستثناء البعض منها) في ليبيا فإن مجموعات الثوار في كل مدينة نظموا أنفسهم في سرايا أوكتائب أو لجان أمنية وتولوا أمر الأمن كل في مدينته ويختلف نجاح التجربة من مدينة الى أخرى حسب نضج قيادات الثوار وقدراتهم وثقة الناس فيهم وتعاونهم معهم واقتناعهم بهم وحسب قدرات السلطات المحلية والاجتماعية الاخرى بهذه المدن على العمل والتنظيم والترتيب والتعاون مع الثوار وهذا هو الخيار المتاح حاليا للحفاظ على الامن في هذه المدن بطريقة تحافظ على ثورة فبراير وحل هذه السرايا واللجان قبل ان تجهز الدولة البدائل لاستلام هذه المهام وضم الثوار اليهم على هيئة أفراد سيؤدي الى حدوث فراغ أمني داخل كل مدينة يمكن أن يؤدي فوضى لايمكن السيطرة عليها في ظل وجود أكثر من جهة تتربص بهذه الثورة .

وأخيرا فإن المسؤولية الحقيقية والعبء الأكبر يقع على الحكومة وأجهزتها للخروج من هذا المأزق إذ يتوجب عليها وضع مخطط زمني قابل للتنفيذ وخطوات عملية واضحة للوصول الى بناء أجهزة أمن وجيش حقيقية وفعالة وكلما وقف عائق أمام تنفيذ هذا المخطط وفق الجدول الزمني ولم تتمكن من تذليله عليها أن تصارح الشعب وتبين له العوائق والمسببين لها وتطلب دعمه وستجده سباقا لدعمها بشكل يرغم كل الاطراف على الانصياع لها وما تجربة جمعة إنقاذ بنغازي ونجاحها في إخلاء مقرات الكتائب إلا دليل على قوة وقدرة الشعب على الفعل إذا أراد وأن الحكومة اذا كسبت ثقة الشعب وكانت أهدافهما واحدة حقيقة لاتصنّعا فسيقف خلفها كقوة ضاربة ترهب كل من يعترض مخططاتها وإجراءاتها علما أنه بدون بناء أجهزة أمن وجيش حقيقية وفعالة فإن أي حكومة تُشكل وأي برنامج تعرضه لن يساوي الحبر الذي كتب به لأنها لن تتمكن من فرضه وتنفيذه وتجربة حكومة الكيب مثال على ذلك وستظل ليبيا تراوح مكانها وتُسحب تدريجيا الى نفق مظلم من الفشل والفوضى والصراعات حتى إذا دخلته فلا يعلم أحد متى ستخرج منه .
فالله الله في ليبيا ياشعبها وياثوارها وياحكومتها وياكل من ساهم في ثورة فبراير بالسلاح أو بالجهد أو بالمال أوبالعلم لقد أنجزتم ما كنّا نعتقد أنه الجزء الأصعب فلا تتراخوا في إكمال المشوار بنفس الروح التي عهدناها فيكم أيام الثورة روح العطاء قبل الاخذ وروح التضحية والايثار دون انتظار الجزاء لأن الجزاء الحقيقي هو أن تقف ليبيا على قدميها دولة شامخة ومعززة يعيش فيها مواطنوها ينعمون بخيراتها في ظل قانون يساوي بين الجميع وتطمح الدول الأخرى في صداقتها.

السبت، 4 أغسطس 2012

تجربة مكافحة الفساد في سنغافورة



 عن مدونة باقات ليبية

بعد أن كانت تعتبر من أكثر الدول فسادا ، أصبحت سنغافورة خلال الثلاثين سنة الأخيرة أقل الدول فسادا في أسيا ومن بين اقل الدول فسادا على مستوى العالم وفق معايير منظمة الشفافية العالمية.

ونجحت إدارة الدولة في تحويل مجتمع متعدد الأعراق وقليل الموارد الطبيعية إلي مجتمع مزدهر متطور يوفر أفضل الخدمات لمواطنيه، ونقلت الدولة الفقيرة العديمة الموارد إلي احد أهم عواصم التجارة والمال.

ومن خلال الفرصة التي أتيحت لنا بالإطلاع الجزئي على تجربة سنغافورة بشـأن مكافحة الفساد بفضل البرنامج الذي نظمه المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات لاحظنا أن النظام في هذه الدولة انطلق من إرادة سياسية ثابتة وواضحة في إيجاد نظام يضمن للدولة البقاء في ظل الظروف الصعبة التي وضعت فيها بعد استقلالها عن ماليزيا. هذه الإرادة حددت منهجا يقوم على عدة مرتكزات عند انطلاقه منها:

ـ التركيز على وجود قوانين صارمة وضمان سيادتها بتطبيقها الفعلي وعدم التساهل في ذلك، مع العمل على استقرار أجهزة الدولة واتصافها بالكفاءة والنزاهة والانضباط.

ـ ضرورة ترتيب الاولويات وتحديد المصالح الأولى بالرعاية بشكل واضح، ومن ذلك تعارض المصلحة العامة مع المصلحة الخاصة أو الحريات والحقوق الفردية يوجب تغليب المصلحة العامة كما سيظهر لا حقا في عدة مجالات منها المجال الجنائي في شقيه الموضوعي والإجرائي، وتعارض الحريات الفردية مع موجبات التنمية الاقتصادية والحكومة الفعالة يوجب تغليب الثانية. وبناء على هذا المرتكز المتمثل في خصوصية ترتيب الأولويات ينظر أيضا في إمكانية تبني المعايير الدولية، والاستفادة من التجارب المقارنة.

ـ النظر في مآلات الأفعال بغض النظر عن أي تأصيل فلسفي أخر، فلتبني نظام أو حكم قانوني معين، وللنظر في إمكانية الإبقاء عليه أو تعديله أو إلغائه يجب قياس نتائجه السلبية والايجابية المتوقعة أو المترتبة على إعماله. ومن ذلك، بناء وتعديل معايير اختصاص السلطة التشريعية والتنفيذية على أساس عملي مرن يضمن سرعة الإنجاز وفاعلية الأداء لا على أساس نظري مجرد، فالمسائل الفنية التي يجب أن يضعها متخصصون لا يجب أن تكون من اختصاص البرلمان.

ومن ذلك – أيضا- دراسة القوانين من خلال تتبع تطبيقها واستخلاص الإشكاليات الناتجة عنها، فكثرة القضايا التي تنجم عن قانون معين هي من الأسباب الرئيسة لتعديله. فمع أن القاعدة القانونية عامة ومجردة إلا أن الحالات التطبيقية الجزئية هي التي تؤسس لتعديل في الحل الكلي.

فالمنهج هو منهج برجماتي عملي مرن ، لا تحكمه أي محددات أيدلوجية.

ـ النظر في مدى الاستفادة من حلول ومشاكل الدول الأخرى في جميع المجالات. ويمتد ذلك لمحاولة أن تقدم الدولة حلا للآخر يشكل مورد دخل اقتصادي لها، ومن ذلك أن تقوم الدولة بما لا يتوافر لدي الدول الأخرى أو لا تستطيع القيام به أو لا تريد عمله. ومثال ذلك الاستفادة من التنافس بين المنتجات اليابانية والأمريكية بحل مشكلة المنتجات الأمريكية بتقديم حل لها يمكنها من الإنتاج بتكلفة اقل وجعلها اقرب للسوق الاستهلاكي الآسيوي. وتوفير حاجة المستثمرين بإيجاد نظام شفاف ومنضبط يمكن المستثمر من حساب نتائج استثماره.

أما بخصوص مكافحة الفساد، فان النظام قائم على دعامتين أساسيتين يكمل كل منهما الأخر. حيث تنقسم سياسة الدولة في هذا المجال إلي سياسة الوقاية من الفساد وسياسة الكشف عنه والعقاب عليه.

أولا / سياسة الوقاية من الفساد:

سياسة الوقاية من الفساد في هذه الدولة واسعة النطاق، فبالإضافة إلي التوعية وتأمين الضبط الاجتماعي بوسائله المختلفة، عملت الدولة على سن عدة تدابير منها:

ـ الفصل بين الوزارات وإدارة التنفيذ، حيث يتولى التنفيذ في الغالب هيئات ومؤسسات منشأة بقانون. ومن شأن ذلك تفريغ الوزارة من سلطة التنفيذ وإزالة سبب ما يمكن أن يترتب عليه من فساد ولا يبقي للوزارة إلا التفكير الاستراتيجي للمدى المتوسط والبعيد.

ـ رفع مرتبات الموظفين في الدولة بشكل يجعل منها كافية لتوفير مستوى حياة كريمة، فدفع أجور مرتفعة أهم رادع للفساد.

ـ تبسيط الإجراءات الإدارية والحد من المستندات المطلوبة للحصول على الخدمة مع وضع مدونة إجراءات إدارية واضحة.

ـ تفادي المنطقة الرمادية في سلطة الموظف العام بالتضييق من سلطته التقديرية بوضع معايير دقيقة يستند عليها في أدائه لعمله، لان التوسع في السلطة التقديرية للموظف العام موجب من موجبات الفساد وسبب من أسباب إضعاف الرقابة الفعالة على عمله.

ـ تركيز الاختصاص في جهة معينة من اجل تركيز المسؤولية. ومن ذلك وحدة الجهة المختصة بمنح الترخيص في مجال معين.

ـ الحد إلي اكبر قدر من تعامل الموظفين بالمال(الموظف لا يرى المال وإنما يرى الأرقام)، فالرسوم والغرامات تدفع الكترونيا، ذلك لان التقليل من لمس الموظف للمال يوفر الجهد والوقت ويقلل من الفساد. ومن اجل ذلك وجدت عدة نقاط لتعليم الناس كيفية الدفع الالكتروني.

ـ التوسع في تقديم الخدمة بالطريق الالكتروني، حيث هناك 1600 خدمة تتم من منزل الشخص الطالب لها، ومن ذلك خدمة الحصول على 71 نوعا من التراخيص عبر الانترنت( e citizen). ومن شأن ذلك كسب الوقت والجهد والتقليل من الاتصال المباشر بين الموظف وطالب الخدمة.

ـ إيجاد أنظمة شفافة تؤدي إلي التقليل إلي حد كبير من الأسرار التي يملكها الموظف العام بسبب وظيفته، بحيث أن الموظف الذي لا يملك أسرارا لا يجد أسرارا لبيعها. ومن ذلك وجود نظام واضح المعالم ومفتوح للمشتريات الحكومية يمكن الإطلاع عليه من خلال مركز الأعمال الالكترونية (Ge Biz) وهو بوابة للمشتريات الحكومية تسمح للمتقدمين بعروض رؤية كل الصفقات والمواصفات المطلوبة.

ويقع في نفس الإطار ضرورة نشر إجراءات العقود الإدارية ونتائجها عبر الانترنت.

ـ الفحص المسبق للحالة الاجتماعية للأفراد قبل التوظيف، وإمكانية تدخل الهيئة العامة لمكافحة الفساد كتدبير وقائي لمنع موظف ما من تولي منصب قيادي أو عمل سياسي بسبب شبهات سابقة بالفساد. كما الهيئة يمكن أن تتدخل بالتوصية بعدم التعاقد مع شركة ما لسبق اتهامها بالفساد. ويلاحظ هنا كفاية الاتهام دون الحاجة لان يصدر حكم قضائي بالإدانة.

ـ الحد من نشر ثقافة الفساد ومن الحديث عن الفساد في الوسط الاجتماعي، ومن اجل ذلك يعتبر نشر إشاعات حدوث فساد أو الحديث مع أخر بشأن قضية فساد دون وجود أدلة واضحة جريمة في حد ذاته.

ـ حظر استعمال الصفة في الأماكن التي تقدم خدمات بالنسبة للقضاة وأعضاء النيابة العامة والموظفين العامين كافة. وإذا ما ظهر بيان الوظيفة في مستند رسمي، فيجب أن يكون ذكره بالقدر اللازم، كأن يدون انه قاضي دون أي تفصيل أخر.

ـ تحديد أجل ستة أشهر يجب أن تفصل فيه المحاكم في القضايا المعروضة عليها وعدم التأجيل لتاريخ يتجاوز هذا الأجل، مع تحديد اجل سنة كحد أقصى يجب أن ينتهي فيه التحقيق والإحالة إلي المحكمة أو حفظ الأوراق. ذلك أن إطالة عمر القضية في التحقيق ومرحلة المحاكمة مؤشر من مؤشرات الفساد أو الإهمال. كما أن العدل المؤخر هو عدل مرفوض.

ثانيا/ السياسة الجنائية بشأن مكافحة الفساد:

تشمل السياسة الجنائية في مجال الفساد- كغيرها من السياسات الجنائية - جانبا موضوعيا وآخر إجرائيا.

فبالنسبة للجانب الموضوعي تبني المشرع السنغافوري تشريعا خاصا بمكافحة الفساد توسع في تجريم الفساد ومن ذلك تجريم الرشوة في القطاعين العام والخاص واعتبار عدم إبلاغ الموظف عن جريمة عرض الرشوة عليه جريمة مستقلة. ونص القانون المشار إليه على جرائم الفساد بعبارات واسعة شبيهة بتلك التي تلجأ إليها كثير من التشريعات عندما يتعلق الأمر بالجرائم الماسة بأمن الدولة ومنها الباب الأول من الكتاب الثاني في قانون العقوبات الليبي. يلاحظ أن هذا المنهج في التجريم لا يستجيب لمتطلبات مبدأ الشرعية الجنائي في شقه الموضوعي.

ونص هذا القانون الخاص على عقوبات السجن والغرامات المرتفعة والمصادرة والرد، وفي حالة عدم الرد تضاعف عقوبة السجن. مع استبعاد التداخل بين العقوبات في حالة التعدد، حيث يجب أن تتعد العقوبات بتعدد الجرائم دون أي اعتبار للتتابع بين الجرائم ووحدة الغرض الإجرامي ( الارتباط غير القابل للتجزئة والجريمة المتتابعة).

أما بالنسبة للجانب الإجرائي، فهو قائم على فكرة أساسية هي حتمية العقوبة بحيث صيغت أحكامه على أساس ضرورة إدراك كل شخص انه في حالة ارتكاب جريمة من جرائم الفساد لابد أن يكتشف ويعاقب، وان جرائم الفساد قليلة المردود بالنظر لكثرة مخاطرها.

ويمكن إجمال خصائص النظام السنغافوري في مكافحة الفساد على النحو التالي :

ـ وجود هيئة تتبع رئيس الوزراء ويعين أعضاؤها بقرار منه بعد أن كانت تابعة لوزارة الداخلية، تتولى دون غيرها جمع الاستدلالات والتحقيق في قضايا الفساد ، وتختص بمباشرة ذلك في مواجهة الكافة دون تفرقة بين المدنيين والعسكريين وبين القضاة وأعضاء النيابة والسياسيين وغيرهم من الموظفين العامين والعاملين في القطاع الخاص. ويتجاوز دورها الضبط القضائي ليمتد إلي الجوانب الإرشادية والضبط الإداري الوقائي، ومن ذلك أن لها أن تمنع شركة من الدخول في مناقصة لمدة خمس سنوات أو نهائيا وتحول دون تقلد موظف عام مركز قيادي . ما يعني أنها يمكن أن تفرض عقوبة لمجرد شبهات بالفساد، وهو ما يتعارض مع مبدأ قضائية العقوبة.

ويلاحظ انه يجب أن ينظر لتبعية هيئة مكافحة الفساد لرئيس الوزراء في أطار خصوصية نظام النيابة العامة في سنغافورة الذي يقوم فيه النائب العام بوظيفيتين احدهما قضائية والأخرى استشارية، والذي يختلف بشكل جدري عن نظام النيابة العامة وصلاحياتها وعلاقتها بالسلطة التنفيذية وعلاقة مأموري الضبط القضائي بها في النظام القانوني الليبي.

ـ إعطاء سلطات واسعة لأعضاء هيئة مكافحة الفساد في الكشف عن الجرائم ومنها مراقبة التغييرات التي تطرأ على حياة الموظفين وإمكانية الإطلاع على حساباتهم المصرفية، حيث لا وجود للسر المصرفي في هذا المجال( تغليب متطلبات فاعلية مكافحة الفساد على متطلبات حماية الخصوصية الفردية).

ـ يعتبر نظام المخبرين من الجمهور والموظفين من أهم الوسائل التي تعتمد عليها هيئة مكافحة الفساد ومصلحة الضرائب وغيرها من الجهات التي تختص بالتحقيق في قضايا الفساد والتهرب الضريبي في التحريات وجمع الاستدلالات ( نظام استخباراتي يبدو انه فاعل ودقيق بالنظر إلي نتائجه والتي منها أن 80% من حالات التهرب الضريبي اكتشفت بواسطة المخبرين). بالإضافة إلي البلاغات التي تقدم من الأكثر دراية بها عند وقوعها وهم العاملون في القطاعين العام والخاص بشأن جرائم الفساد والتهرب الضريبي.

وتعتمد الجهات المختصة على آلية المكأفاة التي تقاس على أساس نسبة معينة من قيمة المال محل الجريمة على أن لا تتجاوز مائة ألف دينار لمن يبلغ عن الجريمة.

مع ملاحظة أن النظام يضمن سرية المخبرين حتى بعد انتهاء التحقيق لحمايتهم ولضمان فاعلية أدائهم لإعمالهم، ولا يعطى اسم المخبر حتى للقاضي إلا إذا أصدرت المحكمة أمرا خاصا توجب فيه الكشف عن شخصيته.

ـ تسهيل إثبات جرائم الفساد بإيجاد ما يسمى بقرائن الإدانة، والتي منها أن أي زيادة غير مبررة في دخل الموظف العام تلاحظ من خلال مراقبة طريقة معيشته تعتبر قرينة على كسبه مال فاسد، إلا إذا اثبت العكس.

كما انه ليس من حق المتهم الصمت وإخفاء معلومات عن المحققين( وكأنه يلزم بالشهادة ضد نفسه).

ـ استعمال أعضاء هيئة مكافحة الفساد للوسائل التقنية للتحقيق ومنها جهاز كشف الكذب لجمع المعلومات والتأكد من مصداقيتها وللتوصل لضبط التحقيق في اتجاهه الصحيح مع ملاحظة عدم إمكانية الاعتماد عليه كدليل للإدانة.

ـ استبعاد الحصانة الإجرائية ، بحيث يمكن أن يباشر التحقيق وترفع الدعوى الجنائية ضد كل من تتوافر دلائل على ارتكابه جريمة من جرائم الفساد وترفع الدعوى الجنائية في مواجهته دون أن يتوقف ذلك على أذن جهة ما . وهذا على خلاف التشريع الليبي الذي يتوسع في منح الحصانة الإجرائية، ويعطي إمكانية تعطل تفعيل القانون بالقانون، ويمد الحصانة لما بعد انتهاء الوظيفة وهو ما عليه نص المادة ( 21 ) من القانون رقم (1) لسنة 2006 ف.

ـ إتباع نظام في المحاكمة وتنفيذ أحكام الإدانة يسمح بدعم الثقة في النظام القضائي وتحقيق وظيفة الردع العام ووصم مرتكب الفعل بوصمة الفساد في المجتمع بحيث يكون عبرة لغيره، فالمحاكمات علنية والأحكام الصادرة في قضايا الفساد يجب أن تنشر ويمكن للكافة الإطلاع على منطوقها.

ويلاحظ هنا أن أهم الإشكاليات التي يعاني منها النظام القانوني الليبي هو عدم تنفيذ الأحكام القضائية والتوسع في العفو الخاص، الأمر الذي يضعف إلي حد بعيد من فاعلية النظام القانوني.

ـ عند التحقيق في قضية من قضايا الفساد يجب أن يتعدد المحققون ، بحيث لا يجوز أن يتولى القضية محقق واحد، لضمان الشفافية وعدم التأثير عليه ( تعدد المحققين ضمان عدم التلاعب في القضية).

كما أن النظام القضائي في مجمله قائم على أساس تبسيط إمكانية اللجوء إليه ووضوح إجراءاته وتنفيذ أحكامه ، فهناك اعتماد على النظام الالكتروني في تسجيل الدعاوى وفي الحصول على المستندات الخاصة بها لكل من له الحق في ذلك وفي الاعتراف بالجرائم وفي دفع الغرامات ، ويمكن الإشارة لما يعرف بالمحاكم الليلية التي تمكن من استعمال حق التقاضي خارج ساعات الدوام الرسمي المعتاد للدولة.

باختصار يمكن القول أن الإرادة السياسية الواضحة في سنغافورة أنتجت قانونا فعالا ونظاما للتقاضي حياديا وسريعا وإدارة ضبط إداري وقضائي تتميز بالصرامة والمهنية. مع ملاحظة بعض حالات اختلال التوازن الإجرائي بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة.







 عن مدونة باقات ليبية